(كتبتها بعد خروج العلوج بأيام)
حينما أكتب عن العراق فأنني أكتب لأرض اختزلت الكثير من الحضارة الإسلامية. إنني إخاطب أرض خرج منها أبو الأنبياء بالحنيفية ثم كانت منارة العلم وهداية البشرية بمساجدها و علمائها حيث هذبت ألّسن و قومت أعوجاج جاهلية كثير من الأمم. إنها أرض هارون الرشيد والمعتصم والمنصور وموطن المدرسة المستنصرية و أرض تناغمت فيها جميع الحضارات وامتزجت بحضارتنا الإسلامية .
هناك من أبناء العراق من يتنكر لهذه الحضارة العظيمة ويرى أن الإسلام جاء مدمراً لبقية الحضارات في العراق العريق. ويرى في فتوحات الإسلام دماراً و الفاتحين غزاةً لا يقلون عن هولاكو و وحشيته ويسمي الغزاة فاتحين وأنقلبت لديه الموازين.
وعجباً كيف تُنسى القرون الطوال الذي تنعّم العالم بإسره من رحيق علوم وهدي الإسلام من أرض العراق من بغدادها وبصرتها وكوفتها . فمن بنى بغداد مدينة السلام وسامراء ؟ ألم تكن بغداد حاضرة العالم الإسلامي ومعينه الذي لا ينضب من العلماء؟
عيناكِ، يا بغـدادُ، منـذُ طفولَتــي شَـمسـانِ نائمَـتـــانِ فــي أهـــــدابي
بغدادُ.. جئتُـكِ كالسّـفينةِ مُتــعَـباً أخـفــــي جِراحاتــــي وراءَ ثيـابي
حيثُ التفتُّ أرى ملامحَ موطني وأشــــمُّ في هذا التّــــرابِ ترابـــي
لم أغتـربْ أبداً … فكلُّ سَحابةٍ بيضاءُ ، فــــيها كبــــرياءُ سَـحابــي
إن النّجـومَ السّـاكناتِ هضـابَكمْ ذاتُ النجومِ السّــاكناتِ هِـــضابــــي
بغدادُ! عشتُ الحُسنَ في ألوانِهِ لكنَّ حُسـنَكِ لم يـــكــنْ بحــســـابي
ماذا سـأكــتبُ عــنكِ يا بـــغداد فــــهـواكِ لا يكـــفيه ألـفُ كتـــابِ ؟
إن جمجمة العرب ما قويت إلا حينما كانت العراق في إيد المسلمين ولم تُكسر جماجمئهم وشُرد أبناؤهم وترملت نساءهم وفٌتحت الأبواب على مصراعيها إلا حينما ضيعوا بغداد وسلموا مفاتيحها للغزاة سواء بتصفيقهم و تواطئهم أو سكوتهم فالأمر سيان.
حينما جاء التتار إلى بغداد بعد مكاتبات و إغراءات إبن العلقمي كانوا يتتبعون آثار العلم في كل مكان فيها وكانوا كالذئاب الجائعة يتصيدون المكتبات والكتب فحرقوها .حرقت معارف وعلوم تقدر بآلاف السنين. كيف بنا ونحن نرى جموع التتار تسبح في دماء أبناء بغداد وقد امتزجت دماؤهم بالمداد؟
وما أشبه اليوم بالبارحة , مضى على غزو العراق ثمان سنوات وكل يوم تتقارب الصور ويكتمل المشهد وتتضح التفاصيل. حينما دخل الصليبيون الجدد للعراق دخل معهم الصهاينة ومن يرى كيف يعيثون ويتضاحكون في قصر الرئاسة الذي كان يقطنه النظام السابق ليمتلأ قلبه حسرات . في بضعة أسابيع من الغزو تم تصفية ما يقارب من ست مائة عالم عراقي بينما هناك من يصفق للغزاة ويهديه سيف ذو الفقار . هناك من باع العراق بثمن بخس لرامسفد وحمل مع المحتل السلاح ليقتل إي حر لا يرتضي أن يكون أجيراً عند المغتصب.
الغزو الصليبي كان في واضحة النهار ولكن ما خفي كان أعظم فقد تمددت الميلشيات الصفوية الحاقدة على العروبة والإسلام تحمل ثأر القادسية وتنعق في دروب بغداد وشوارعها وكل ركن في العراق الجريح ونجح الخونة في إرهاب بقية العرب حتى لا يتدخلوا في الشأن العراقي وأصبحت العراق أشبه ما تكون مستعمرة فارسية تريد بلعها كما أبتلعت الأحواز وأصبحت نسيًا منسيا.
والأفظع من ذلك أن تتحول أرض العراق مكتب عمليات لتنفيذ المخططات لعالمنا الإسلامي , مخطط برنارد لويس لتقسيم العالم الإسلامي و تصدير الثورات الخمينية لإستعادة مجد كسرى البائد.
ثروات العراق تصدر للخارج ورائحة الفساد في حكومة الإحتلال أزكمت الأنوف والشيعة قبل السنة يشتكون ويئنون من إنعدام وفقر البنية التحتية للبلاد. وطالت إيديهم بيوت الله و الكنائس حتى مراقدهم التي اتخذوها أوثان لم تسلم من عبثهم.
السنة في العراق يذبحون من قبل أذناب الإحتلالين الأمريكي والمجوسي والسجون السرية تغص بهم وكل يوم سجن سري ومعتقل وتفجيرات مفتعلة هنا وهناك والإتهامات بالبعثية والوهابية والإرهابية جاهزة ومعلبة تلصق بكل من لا يوافقهم و يكشف عوار فسادهم الذي يئن منه العراقيون بجميع أطيافهم ودياناتهم وحال كل عراقي شريف يقول:
جاء المجوس إلى بغداد يا عمر ……….فالبــاطني بنـــار الفرس يفـــتخر
وعاد كسرى الى الإيوان منتقما ……… وحوله ترقـــص الاعجام والخزر
ففى المدائن تهجير وتسفيت …….. . وجــــيش إبليس لا يبــقى ولا يذر
فلا سيوف أبى سفيان لامعة………. ولا لخـــالدنا فى شامــــــــــنا خبر
وسيف سعد افل الفرس شفرته ……… بالقبط اذ عجزت عن فلها الـــزبر
وقبر طلحة يبكى عشرة ظلموا ……….وزور الأثر المــــــحمود والـــسير
يا قبر طلحة لا تبكى فقد مزجت…….. قبــــــــور من كبروا لله وانتصروا
فى الاعظمية تبكوها وما حفظوا ………لآل جـــــيلان ما تـحظى به العـــتر
وجامع العشرة الابرار قد هدمت……… منه المرارة بئس القوم قد غـــدروا
وقبر هــــــارون فى إيران دنسه ……..فرس مجوس عــلوج صبية حمــر
أفتوا بنبش قبور بعد ما هزموا………. سلماً وحرباً وعاثوا بعدما كـــــفـروا
مانى ومزدك والطوسي رائدهم…… …..والعلقـمى ومن جادت به الـــــــتتر
عاثوا فسادا بأرض الرافدين ولم يقبل….. بما روجـــوه البــــدو والــحضـــر
من آل ساسان او صفيون منبتهم………. خزر الــعيون وفى آذانهم وقـــــر
وآل صفيون قد زاغوا وقد خرجوا……… من دين أحمد وارتابوا إذانتظروا
بباب سرداب سامراء عن عبث………. من بعد ما زاغت الافكار والبصـــر
وزوروا السنة الغراء واختلقوا ……….لغو الحديث وما حجوا ولا اعتمروا
قبر الخمينى فى ايران كعبتهم………… وحوله تـــعبد الاصنام والســـــور
لم يرض أل رسول الله نحلتهم……… ولا المسيــح ولا مــوسى ولا عــمر
هناك من يروج لإحتمالية حرب أهلية في سوريا وهذا من الحمق فالشعب السوري في غالبيته سواء سنته ذات الأغلبية أو الأقلية النصيرية وأن كان منهم من يستخدمه النظام إلا أن الغالبية متفقون على إزاحة النظام وضرورة التخلص منه ولكن الحرب الأهلية أراها تدق طبولها في العراق بعد خروج المحتل الأمريكي وتفرد الشيعة بالسلطة والتنكيل بأهل السنة .وآخرها أزمة الهاشمي و إكتشاف منظمة هيومان رايس واتش المزيد من السجون السرية لأهل السنة. وإن كان وجود أمريكا لم يخدم سنة العراق بشيء بل زاد الضغط عليهم لكن بخروجهم خفت القيود وفي نفس الوقت خلت الساحة للإحتلال الصفوي مما يجعل أهل السنة في مواجهة وجهاً لوجه مع آلة الإبادة الصفوية و لا أعتقد أن أهل السنة سيطول صمتهم .